نشرت صحيفة "اليوم السابع" خبرا اعتبره محرروها عاديا وسط
عشرات الأخبار التي ينشرها موقعهم يوميا. خبر من فقرتين يقول إن الموسيقي الأمريكي
الأشهر لويس أرمسترونج سيحيي حفلا بالقاهرة بعد أيام. ما لم يكن عاديا، هو أن
الرجل توفى بالفعل منذ أكثر من 40 عاما!
وبسبب شهرة "اليوم السابع"،
وانتشارها الشديد إلكترونيا، فقد نقلت عنها بعض مواقع الصحف وقنوات التليفزيون مثل
الفجر وسي بي سي هذا الخبر، ثم وجد الخبر طريقه إلى محركات جمع الأخبار والتي لا
يعتمد أغلبها على عنصر بشري للتدقيق في المحتوى.
كيف ارتكبت"اليوم السابع" هذه الكارثة المهنية وكيف يمكنك
- كصحفي أو كناشر - تجنب مثلها؟
الخبر = مصدر
بحثا عن سرعة النشر وحجمه، بات عدد كبير من المواقع الإخبارية -
وبالطبع صفحات الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي - لا يهتم بنسب أي قصة خبرية
ينشرها إلى مصدر. أستطيع أن أجزم أن الصحفية التي نشرت الخبر لم تتحدث إلى مسؤول
عن تنظيم الحفل أو شخص ما في الفندق الذي يستضيفه، وإلا كان أخبرها ببساطة أن
الحفل هو إحياء لذكراه وليس بحضوره شخصيا! في الأغلب، وجدت الصحفية هذا الخبر في
إيميل أو نشرة ترويجية ولم تتيقن من وصف الحفل
غياب الصحفي المتخصص
إذا كان هناك فنان بحجم لويس أرمسترونج يخطط لحفل في مصر (إذا كان
حيا)، فالأمر يعتبر حدثا موسيقيا كبيرا. في هذه الحالة، كصحفي غير متخصص في
الموسيقى أو الفنون، يتعين عليك اللجوء إلى أحد الزملاء المتخصصين في المجال سعيا
لمزيد من المعلومات عن الرجل وموسيقاه ومواقفه إلخ. وبالطبع، فإن أي صحفي متخصص
كان سيخبر زميلته بأن الرجل انتقل إلى جوار ربه في السبعينات وبالتالي كان يمكن
تجنب الأمر برمته
ابحث على الانترنت
إذا كتبت لويس أرمسترونج بالإنجليزية في جوجل، فإن أول نتيجة ستظهر
لك هي الصفحة الخاصة به في ويكيبيديا. ولن تحتاج حتى حينها إلى الضغط على أي روابط
كي تكتشف تاريخ وفاة الرجل. فالأمر يظهر أمامك جليا واضحا في صفحة البحث نفسها. هل
لا يستحق منك لويس أرمسترونج 10 ثوان بحث على جوجل قبل أن تكتب خبر حضوره إلى بلدك
وإحياء حفل موسيقي؟ ولكن يجب هنا التنويه إلى أن ويكيبيديا وحدها لا تصلح مصدرا لمعلومة صحفية، وإنما تصلح كنقطة بداية لجمع مزيد من المعلومات.
لا تنقل "عمياني"
جميع صحف ومواقع العالم تنشر قصصا خاطئة. ولكن في معظم الحالات، فإن
الخطأ يقتصر على الناشر الأول ويتجنبه بسهولة الأخرون بسبب غياب ثقافة النقل
"العمياني". فجريدة الفجر وحساب سي بي سي على تويتر اعتمدا على اسم
"اليوم السابع" في النقل من دون بذل مجهود كاف للتحقق أو لإضافة معلومة
لمتابعيهما. الأدهى أن أحدا منهما لم ينسب الخبر إلى "اليوم السابع".
وبالتالي فإن حتى حقوق الاقتباس (مشيها الاقتباس) لم يتم الالتزام بها!