أثار مقال "أطفال الشوارع .. الحل البرازيلي"
ردود أفعال عنيفة سواء بين قراء "المصري اليوم" أو بين الصحفيين
والإعلاميين، بسبب ما حملته أفكاره من تحريض مباشر على العنف ضد أطفال الشوارع،
وابداء ما تم تفسيره بين نطاق واسع من القراء والمتابعين على أنه إعجاب بالتجربة ومطالبة
للحكومة المصرية باتخاذ اجراءات مشابهة.
![]() |
Credit: media-alliance.org |
وسرد كاتب المقال، البروفيسير نصار عبد الله أستاذ
الفلسفة بجامعة سوهاج، ما قال إنه خطوات اتخذتها البرازيل لحل مشكلة أطفال
الشوارع، إذ أطلقت حملات "لاصطيادهم" واعدامهم جماعيا مثل الكلاب
الضالة، وأن كثيرا من قوى المجتمع اختارت السكوت على هذا الأمر على الرغم من
وحشيته، لأنه حل أزمة كبيرة كانت تؤرقهم وتعرقل خطط الدولة للاصلاح الاقتصادي.
ردود الأفعال تراوحت بين هجوم مباشر من خلال وسائل
التواصل الاجتماعي، وكتابة مقالات في ردود سريعة تكشف إما عدم صحة بعض المعلومات
الواردة في المقال أو تهاجم عدم أخلاقية نشره، وصولا إلى تهديدات مباشرة برفع
دعاوى قضائية على الكاتب والصحيفة، ما اضطر "المصري اليوم" إلى حذف المقال، ونشر بيان مقتضب، توضح من خلاله أن قرار الحذف جاء بعد عرض المقال على
ادارة الشؤون القانونية التي رأت به "تحريضا على العنف".
إذن ما هو "التحريض على العنف"؟ وكيف تتأكد
الصحف ووسائل الإعلام بشكل واضح عدم مشاركتها في ارتكاب هذه الجريمة؟
أحد التعريفات المبسطة لجريمة التحريض على العنف تقول
إنه: أي خطاب، رسائل مكتوبة، مسموعة أو مرئية تتضمن معلومات مغلوطة أو أطروحات
مجتزأة بهدف بث الكراهية والدعوة إلى العنف تجاه شخص أو مجموعة أشخاص بناء على
المعتقدات، أو اللون، أو العرق، أو الجنس، أو الطبقة الاجتماعية ... إلخ.
وعلى الرغم من أن تمييز الأخبار والمقالات الصحفية أو
المداخلات والتقارير الإذاعية والتليفزيونية التي ينطبق عليها التعريف المبسط
أعلاه قد يكون أمرا بسيطا للإعلاميين المخضرمين في أغلب الحالات، فإنه يمثل تحديا
كبيرا لكثير من محرري الصحف والبرامج غير المتمرسين أو حتى لأصحاب الخبرات في بعض
الحالات المتشابكة التي تحتمل أكثر من رأي.
وفي محاولة لمساعدة الإعلاميين على تجنب نشر وترويج
الأفكار المحرضة على العنف، عقدت "شبكة الصحافة الأخلاقية" مؤتمرا في مايو 2014 خلصت فيه إلى
خمس أسئلة تشكل اختبارا جيدا يمكن لأي محرر أن يستخدمه ليحكم على ما إذا كان العمل
الصحفي موضوع المناقشة يندرج تحت بند التحريض على العنف أم لا:
السؤال الأول: من هو صاحب الرسالة؟
من هو كاتب المقال أو مصدر الخبر؟ وما موقفه من الموضوع
محل النقاش؟ وما هي الدوافع التي جعلته يتبنى هذا الموقف؟ كلها أسئلة هامة يتعين
على المراسل الصحفي أو المحرر أن يسألها قبل اتخاذ قرار النشر أو البث.
السؤال الثاني: ما مدى انتشار الرسالة؟
اعتناق أفكار تحريضية أو حتى الاعلان عن هذه الأفكار في
جلسات خاصة أو في دوائر محدودة لا يعد في حد ذاته جريمة، ولكن الأمر يختلف تماما
حينما تخرج هذه الأفكار من الدوائر الخاصة والشخصية إلى الدوائر العامة ذات
الانتشار الواسع والسريع، مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والصحف والبرامج
الاذاعية والتليفزيونية.
وفي نفس السياق، هل هذه الأفكار يتم الترويج لها
باستمرار وبانتظام في سياق حملات معدة مسبقا كي تحقق انتشارا أوسع، أم انها جاءت
في رسائل إعلامية متقطعة ومتناثرة؟
السؤال الثالث: ما الهدف من هذه الرسالة؟
هل الهدف من المقال او الخبر أو التقرير هو إثارة
المشاعر أو الدفع في اتجاه ممارسة العنف أو التعدي على حقوق شخص أو مجموعة معينة
من الأشخاص؟ يتعين هنا على الصحفي أو المحرر وضع اي مادة اعلامية في سياقها
المعلوماتي والتاريخي والاجتماعي الصحيح، حتى يتبين للجمهور الاهداف الحقيقية خلف
الرسالة التي يتعرضون لها من خلال القراءة أو المشاهدة أو الاستماع.
السؤال الرابع: ما هي عناصر المحتوى التي نقلت هذه
الرسالة؟
إذا كان هناك تعمدا في استخدام مواد وعناصر (مثل الصور
الدموية أو مقاطع الفيديو العنيفة) تثير المشاعر وتؤجج الغضب والاحباط، فإن ذلك
يعدا تحريضا على العنف والكراهية حتى وإن كانت المعلومات صحيحة.
السؤال الخامس(وربما الأهم): ما هي الأجواء الاجتماعية
والسياسية والاقتصادية وقت النشر؟
هل يمر المجتمع بحالة انقسام سياسي؟ ما مدى صعوبة الظروف
الاقتصادية؟ هل هناك إشارات أو وقائع لحالات عنف أهلي، وهل يمكن للمادة الاعلامية
موضع النقاش أن تكون مسببا لأي أزمات مجتمعية أو وقودا لها؟
روابط متعلقة: