Friday, June 20, 2014

مقال "أطفال الشوارع" ودور المصري اليوم .. اختبار من 5 أسئلة لاصطياد رسائل التحريض قبل النشر

أثار مقال "أطفال الشوارع .. الحل البرازيلي" ردود أفعال عنيفة سواء بين قراء "المصري اليوم" أو بين الصحفيين والإعلاميين، بسبب ما حملته أفكاره من تحريض مباشر على العنف ضد أطفال الشوارع، وابداء ما تم تفسيره بين نطاق واسع من القراء والمتابعين على أنه إعجاب بالتجربة ومطالبة للحكومة المصرية باتخاذ اجراءات مشابهة.

Credit: media-alliance.org
وسرد كاتب المقال، البروفيسير نصار عبد الله أستاذ الفلسفة بجامعة سوهاج، ما قال إنه خطوات اتخذتها البرازيل لحل مشكلة أطفال الشوارع، إذ أطلقت حملات "لاصطيادهم" واعدامهم جماعيا مثل الكلاب الضالة، وأن كثيرا من قوى المجتمع اختارت السكوت على هذا الأمر على الرغم من وحشيته، لأنه حل أزمة كبيرة كانت تؤرقهم وتعرقل خطط الدولة للاصلاح الاقتصادي.

ردود الأفعال تراوحت بين هجوم مباشر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وكتابة مقالات في ردود سريعة تكشف إما عدم صحة بعض المعلومات الواردة في المقال أو تهاجم عدم أخلاقية نشره، وصولا إلى تهديدات مباشرة برفع دعاوى قضائية على الكاتب والصحيفة، ما اضطر "المصري اليوم" إلى حذف المقال، ونشر بيان مقتضب، توضح من خلاله أن قرار الحذف جاء بعد عرض المقال على ادارة الشؤون القانونية التي رأت به "تحريضا على العنف".



إذن ما هو "التحريض على العنف"؟ وكيف تتأكد الصحف ووسائل الإعلام بشكل واضح عدم مشاركتها في ارتكاب هذه الجريمة؟

أحد التعريفات المبسطة لجريمة التحريض على العنف تقول إنه: أي خطاب، رسائل مكتوبة، مسموعة أو مرئية تتضمن معلومات مغلوطة أو أطروحات مجتزأة بهدف بث الكراهية والدعوة إلى العنف تجاه شخص أو مجموعة أشخاص بناء على المعتقدات، أو اللون، أو العرق، أو الجنس، أو الطبقة الاجتماعية ... إلخ.

وعلى الرغم من أن تمييز الأخبار والمقالات الصحفية أو المداخلات والتقارير الإذاعية والتليفزيونية التي ينطبق عليها التعريف المبسط أعلاه قد يكون أمرا بسيطا للإعلاميين المخضرمين في أغلب الحالات، فإنه يمثل تحديا كبيرا لكثير من محرري الصحف والبرامج غير المتمرسين أو حتى لأصحاب الخبرات في بعض الحالات المتشابكة التي تحتمل أكثر من رأي.

وفي محاولة لمساعدة الإعلاميين على تجنب نشر وترويج الأفكار المحرضة على العنف، عقدت "شبكة الصحافة الأخلاقية" مؤتمرا في مايو 2014 خلصت فيه إلى خمس أسئلة تشكل اختبارا جيدا يمكن لأي محرر أن يستخدمه ليحكم على ما إذا كان العمل الصحفي موضوع المناقشة يندرج تحت بند التحريض على العنف أم لا:

السؤال الأول: من هو صاحب الرسالة؟
من هو كاتب المقال أو مصدر الخبر؟ وما موقفه من الموضوع محل النقاش؟ وما هي الدوافع التي جعلته يتبنى هذا الموقف؟ كلها أسئلة هامة يتعين على المراسل الصحفي أو المحرر أن يسألها قبل اتخاذ قرار النشر أو البث.

السؤال الثاني: ما مدى انتشار الرسالة؟
اعتناق أفكار تحريضية أو حتى الاعلان عن هذه الأفكار في جلسات خاصة أو في دوائر محدودة لا يعد في حد ذاته جريمة، ولكن الأمر يختلف تماما حينما تخرج هذه الأفكار من الدوائر الخاصة والشخصية إلى الدوائر العامة ذات الانتشار الواسع والسريع، مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والصحف والبرامج الاذاعية والتليفزيونية.

وفي نفس السياق، هل هذه الأفكار يتم الترويج لها باستمرار وبانتظام في سياق حملات معدة مسبقا كي تحقق انتشارا أوسع، أم انها جاءت في رسائل إعلامية متقطعة ومتناثرة؟

السؤال الثالث: ما الهدف من هذه الرسالة؟
هل الهدف من المقال او الخبر أو التقرير هو إثارة المشاعر أو الدفع في اتجاه ممارسة العنف أو التعدي على حقوق شخص أو مجموعة معينة من الأشخاص؟ يتعين هنا على الصحفي أو المحرر وضع اي مادة اعلامية في سياقها المعلوماتي والتاريخي والاجتماعي الصحيح، حتى يتبين للجمهور الاهداف الحقيقية خلف الرسالة التي يتعرضون لها من خلال القراءة أو المشاهدة أو الاستماع.

السؤال الرابع: ما هي عناصر المحتوى التي نقلت هذه الرسالة؟
إذا كان هناك تعمدا في استخدام مواد وعناصر (مثل الصور الدموية أو مقاطع الفيديو العنيفة) تثير المشاعر وتؤجج الغضب والاحباط، فإن ذلك يعدا تحريضا على العنف والكراهية حتى وإن كانت المعلومات صحيحة.

السؤال الخامس(وربما الأهم): ما هي الأجواء الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وقت النشر؟
هل يمر المجتمع بحالة انقسام سياسي؟ ما مدى صعوبة الظروف الاقتصادية؟ هل هناك إشارات أو وقائع لحالات عنف أهلي، وهل يمكن للمادة الاعلامية موضع النقاش أن تكون مسببا لأي أزمات مجتمعية أو وقودا لها؟

روابط متعلقة:



Thursday, April 24, 2014

كيف تتعامل مع التعليقات (السلبية والايجابية) على إنتاجك من المحتوى الإلكتروني؟

إذا كنت تكتب مقالا أو مدونة، تصور فيديو لـ"يوتيوب"، تنتج podcast أو أغاني مستقلة لـ"ساوند كلاود"، أو أي شكل أخر من أشكال المحتوى الإلكتروني، فأنت غالبا تتلقى تعليقات على إنتاجك هذا من زوار موقعك أو شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة والتي تروج للمحتوى الخاص بك من خلالها.

ومن خلال العمل في المحتوى والنشر الإلكتروني لأكثر من عشر سنوات، أعلم تماما مدى اهتمامك بمطالعة التعليقات التي تصلك، (حتى وإن كنت تدعي العكس أحيانا!) وسعادتك بالإيجابي من هذه التعليقات وإحباطك أو غضبك من السلبي منها.
الصورة من موقع hotforsecurity.com


إليك دليل سريع عن معظم أنواع التعليقات التي يتركها الزوار على الإنترنت، وماذا تعني، وكيف يمكن أن تتعامل معها:

النوع الأول: "احنا استفدنا إيه من الموضوع ده؟" أو "الموضوع مكرر مش بيضيف جديد" أو "ضيعت 5 دقائق من وقتي في كلام فارغ"

هذه التعليقات عادة تعكس رغبة داخل الشخص صاحب التعليق في أن يبدو أذكى منك، أو أكثر دراية بالموضوع، على الرغم من أنه لا يستطيع أن يجد دليل يعارض به المحتوى الذي أنتجته. وبدلا من البحث ومحاولة الرد عليك بالمنطق، فإنه يترك تعليقا مثل العبارات السابق ذكرها. لا تلق بالا لهذا التعليق، لأن إذا كان صاحبه مشغولا وحريصا على وقته مثلما يدعي، فلم يكن سيضيع دقيقة إضافية بعد الدقائق الخمس الأولى ليترك فيها تعليقا!

النوع الثاني: "قشطة" .. "لايك" .. "حلو" .. "مشكور"

يرغب أصحاب هذه التعليقات السريعة والمختصرة أن يمنحك دفعة إيجابية. ربما لا يملك وقتا لكتابة مطولة، وربما لا يمتلك أصلا تعليقا مطولا ولكنه وجد في نفسه رغبة أن يشجعك سريعا وينتقل إلى أمر أخر على الشبكات الاجتماعية. التصرف الأمثل من جانبك هو أن تشكر هؤلاء بـ"لايك" على التعليق أو "فيفوريت" إذا كان على تويتر، أو أن تشكرهم جميعا في تعليق واحد بأسمائهم.

النوع الثالث: "في تحديث على الموضوع شكلك ما قريتوش" .. "بص على المقال ده فيه معلومات مفيدة" .. "في حد تاني كاتب كلام عكس ده وده لينك"

تمسك بهذا الشخص ووطد معرفتك به لأنه فصيلة نادرة من "المعلقين"! هذا الشخص لديه ما يعلق عليه أو يصححه في الموضوع الذي تتحدث فيه، وبالتالي فهو يضيف قيمة جديدة حتى وإن كانت ينتقدك أو يخالفك في الرأي. يجب أن تتعامل مع التعليقات من هذا النوع بجدية، إذا كان هناك خطأ فيما كتبته، عدله سريعا واشكر صاحب التعليق الذي لفت انتباهك. إذا كانت فكرتك صحيحة، عليك أن تشكره أيضا وتوضح له أنك خصصت وقتا للتأكد من صحة وجهة نظرك. في كل الأحوال، ستكتسب "صديقا الكترونيا" يساعدك لاحقا على إنتاج محتوى أفضل.

النوع الرابع: "مش قادر أصدق ان الكلام ده طالع منك! ... "حتى أنت؟؟" ... "انا اتصدمت فيك بجد!"

أصحاب هذه التعليقات عادة كانوا يمتدحونك كثيرا سابقا ولكنهم "قلبوا عليك" 180 درجة لأنك تتبنى الآن رأيا عكس رأيهم في موضوع ما. هذه التعليقات يحاول أصحابها إضعاف موقفك من خلال هز ثقتك فيما تكتب بدون توفير أدلة كافية على خطأه، هؤلاء يحاولون أيضا كسب تعاطف مستخدمين أخرين في صفهم من خلال الحصول على أكبر عدد تأييد أو "لايك" على تعليقهم في مقابل عدد التعليقات المؤيدة و"لايك" للمحتوى الأصلي. ربما عليك أن ترد عليهم ولكن في تعليق واحد فقط ولا تكرره، لأن أصحاب هذا النوع غالبا يرغبون في جرك إلى مناقشة أو حتى "خناقة" الكترونية.

النوع الخامس: "انت معندكش ضمير" .. "داري حقدك وغلك يا أخي" .. "انت $%%#" (الأخير كلمات لا يمكن كتابتها)

تجاوز أصحاب هذه التعليقات كل أفكارك وقرروا مهاجمتك شخصيا وبألفاظ قاسية أحيانا. لا تقف أو تفكر كثيرا في هذا التعليق أو صاحبه، تجاهله تماما لأن ليس هناك ما يناقش. من حقك أيضا أن ترد بـ"بلوك" إذا أردت لتجاوز أدب المناقشة والتعليق. هناك من يرى أن الرد على هؤلاء ردا مهذبا قد يجعلهم يعتذرون ويعدلون من موقفهم، ولكن هذا الأمر لا يحدث دائما

--
 *هذه التدوينة نشرت للمرة الأولى في العاشر من ابريل 2014 على صفحة فيسبوك الخاصة شركة سرمدي، ضمن سلسلة من التدوينات تتناول امورا تتعلق بالمحتوى الالكتروني

Saturday, April 12, 2014

أعراف تجاهلتها "الوطن" في تغطية أخبار ضحايا العنف (خاصة الأطفال) .. وعدد من المصادر الأجنبية

دأبت صحف مصرية مؤخرا على تقديم تغطيات لأحداث العنف المتزايدة في مصر، بطريقة تخالف معظم المعايير المهنية العالمية التي تتبعها وسائل الإعلام فيما يتعلق بضحايا العنف.

الواقعة الأخيرة كانت بطلتها صحيفة "الوطن" التي نشرت صورة لطفلة تعرضت لجريمة اغتصاب، واعتبرتها "انفراد صحفي"، قبل أن تحذف الصورة وتنشر ما يشبه الاعتذار على صفحتها الرئيسية، متبوعا بتغريدة من رئيس التحرير مجدي الجلاد تحمل نفس المعنى، وذلك عقب هجمة الكترونية على الصحيفة من خلال تويتر عبر هاشتاج #قاطعوا_صحيفة_الوطن



ولكن نشر صورة الطفلة لم تكن الواقعة الأولى، وبالتالي لا يمكن إرجاع النشر لسوء التقدير أو باعتباره خطأ غير متعمد، إذ نشرت الصحيفة نفسها، وعدد أخر من الصحف المصرية صور لقتلى وجثث مشوهة في عدد من أحداث العنف التي تجتاح مصر على فترات طوال الأعوام الماضية.

وباتت الصحف تتسابق في نشر هذه الصور المثيرة للغثيان أحيانا، والتي تعتدي على خصوصية الضحايا وعائلاتهم دائما، مسبوقة بكلمات مثل "انفراد" .. أو "خاص" .. أو "حصري". والأدهى، أن هذه الصحف دائما ما تبرر نشر هذه الصور بأنه "حق القارئ في المعرفة"!

تغطية أخبار ضحايا العنف

إذا أرادت صحف مصرية معرفة الأعراف المهنية الدولية في شأن تغطية أخبار ضحايا العنف، فما عليها إلا أن تبحث عما تفعله وسائل الاعلام الدولية، فليس هناك داع لإعادة اختراع العجلة في هذا الشأن. ولكن بشرط الجدية في تحري المهنية في هذه التغطيات، وتقديمها على اجتذاب عدد اكبر من الزيارات للموقع، حتى وإن كانت من محتوى غير مهني.

هناك بضع قواعد عامة يعلمها جميع الصحفيين والمحررين، بعضها فيما يلي:  

  • ينبغي دائما مراعاة التوازن بين القيام بالتغطية الصحفية وبين الحفاظ على خصوصية الضحايا وتجنب تعريضهم لأي آلام نفسية إضافية. إذا تعارض الأمران، يجب تقديم مصلحة الضحايا على التغطية الصحفية.
  • نشر صور الضحايا، وخاصة الأطفال منهم، غير مقبول على الإطلاق، ويخالف كل المعايير المهنية المتعارف عليها، لما يسببه ذلك من ألم نفسي وربما مزيد من الأذى الجسدي للضحية. الاستثناء الوحيد هو أن يطلب/تطلب الضحية نشر الصورة بنفسها لاعتبارات أخرى.
  • إذا كنت ستجري حديثا صحفيا مع الضحية، فعليك أن تتيح له/لها أكبر قدر ممكن من الحرية في ذكر ما يريد من التفاصيل وتجنب ما لا يريد الحديث عنه
  • عليك أن تنتقي عباراتك دائما أثناء الكتابة أو اجراء حديث مع الضحية أو عائلتها، هناك غالبا حالة من الاحساس بالذنب لدى ضحايا جرائم العنف الجنسي، وبالتالي عليك أن تختار كلماتك المنطوقة والمكتوبة بعناية شديدة.
  • إذا كانت الضحية تنتمي إلى عائلة، أو قبيلة، أو قرية، أو مجتمع ما، يحمل ضحايا جرائم العنف الجنسي جزءا من المسؤولية، فعليك أن تخفي من التفاصيل ما يكون كافيا لعدم الافصاح عن هوياتهم.
  • ضحايا العنف الجنسي من السيدات/الفتيات تشعرن براحة أكبر في الحديث مع مراسلة وليس مراسلا.
  • إذا كانت الضحية طفلة/قاصرة، من الضروري إطلاع الأهل على نص الحوار قبل نشره، والصور المصاحبة له، ومن الأفضل أيضا إطلاعهم على مكانه ومساحته في الصحيفة أو البرنامج التليفزيوني، وموافقتهم جميعا على هذه المعايير
  • ينبغي على الصحفي أن يكون متاحا ويمكن الوصول إليه من قبل الأهل بعد النشر، إذا ربما يحاولون توضيح أمر ما أو نشر تحديث أو تعليق.

مصادر أجنبية هامة
كل ما سبق، وأكثر منه، موجود على الانترنت ويمكن الاطلاع عليه بسهولة. إليك الآن بعض المصادر الهامة في هذا الشأن والتي يمكن الرجوع إليها في حالات مماثلة:

مركز "دارت" (DART) للصحافة وتغطية الضحايا والصدمات
مركز "دارت" هو مشروع جانبي مقدم من معهد كولومبيا للصحافة، وهو من أكبر وأبرز معاهد ومدارس العالم في الصحافة والميديا بشكل عام. موقع "دارت" يقدم كثيرا من المصادر المجانية من مقالات وكتب الكترونية وموضوعات موجهة للصحفيين بشأن التعامل مع الضحايا في جرائم العنف الجنسي، والكوارث الطبيعية، والحروب والنزاعات الطائفية.

ملف معهد "بوينتر" (Poynter) عن تغطية جرائم الاغتصاب
معهد "بوينتر" للصحافة هو أيضا واحدا من أهم المراكز في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم فيما يتعلق بالصحافة المكتوبة والمرئية والالكترونية. ويقدم بوينتر ملفا مكونا من أكثر من مقال وموضوع موجه للصحفيين عن كل ما يمكن أن يحتاجونه أثناء تغطية جرائم الاغتصاب.

 نصائح "دارت" لتغطية جرائم العنف الجنسي
قدم  مركز "دارت" ضمن مشروعاته ورقة مختصرة للصحفيين عن كيفية تغطية جرائم العنف الجنسي، وخاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الضحية، وهي تتكون من بعض النصائح السريعة والبسيطة ولكنها تضمن تجنب الأخطاء القاتلة في التغطية

UA-39370362-1